كلماتٌ ليست لي..

رغم ازدحام الوقتِ وضيقه، لم أرغب أن يمضي يوليو دون تدوينة، وللأسف لا طاقة لي ولا وقت لنصوصٍ خارج إطار العمل، لذا، سأضع هذه المرة نصوصًا أحببتها لآخرين.. إلى حينِ استقرار النفس والأيام..

(١)

عن أحوال النفس..

علاء عبدالحميد: في يوم ما سأكتب: عن الخوف وكم يحجب المشاعر ويشتت البال، ويضيع الفرص ويطفيء الروح، عن الثقافة العشوائية بلا تعلم وكيف تصيب للنفس بالتخمة والحيرة والشتات، عن كيف يغفل الإنسان عن رؤية الجمال في نفسه وعن كيف تسطو عليه رؤية العيوب فلا ينهض لمكرمة ولا تسمو نفسه لمزيد، عن كيف ينتفخ الذكي تيها بذكاءه حتى يعميه عن التعلم؛ وكم ضيع الذكاء صاحبه بالغرور، عن جمال اللين والسهولة في الأخذ والترك وفي الصحبة في الحياة.. فالحياة مليئة بالمعاني؛ وصخب الأيام يحول بيننا وبين رؤية الكثير منها

(٢)

عن الميثاق الغليظ..

محمود توفيق: الوصفات التي تشرح للمرأة كيف تبدو جميلة في عيني زوجها كثيرة جدًا، وآخذة في الزيادة، وهناك أيضًا وصايا تُعلم الرجال كيف يمكن أن يكونوا على أحسن وجه، عالم واسع يخص العطور وماركات الملابس والمستحضرات والأصباغ والوصفات وقصَّات الشعر.. وكلها أمور نافعة حقًا، ولكن كل هذا لن ينفع إلى فترة طويلة إن كان وحده وإن كان هو كل ما ندقِّق فيه! كل هذا لن ينفع إن لم يكن من ضمن ما يثير أجمل المشاعر بين زوجين هو ملامح التعب، نعم، ملامح التعب، أن يشعر الرجل بالعطف والتقدير والإكبار والحنان تجاه زوجته وهو يرى عليها ملامح التعب في تربية الأبناء، وكيف تتخطَّف الملابس المتسخة من عليهم كي تغسلها حتى وهي تغالب النوم، وكذلك أن تشعر المرأة بالعطف والتقدير والإكبار والحنان تجاه زوجها الذي فتح الباب مرهقًا بعد أن واجه الحياة من أجل أن يعود بما يكفي الأسرة. إذا لم تجمِّل ملامح التعب شريكك في عينيك فماذا يجمِّله؟!

(٣)

عن فقدِ عزيز..

حامد المالكي: الموت حتمٌ في الرقاب، ولكن ..الحزن واللهفة على من كان معقدًا للرجاء يجبُ أن يكون عظيمًا! فالناس على كثرتهم قلة، وما كل ساعة تفتح عينك فترى أحدًا.. الجميل جوهرٌ نادر، يسرنا وجوده ولو كان في آخر الأرض، لا يعرفنا ولا نعرفه.. هو إذ تضيق الأمور يكون أملاً، وإذ يطول الطريق يكون أنسًا، وإذ تقسو الحياة يكون رحمة! فإذا استأثر الله به لحكمة؛ فليس البكاء على شخصه وحده وإن كان عزيزًا.. بل البكاء عليه وعلى الأمل الذي تحطم، والسكينة التي تبددت، والطريق الذي اكتنفته الوحشة!

(٤)

عن الحبّ..

حمزة أبو زهرة: استروا الضَّعف بالمضاعفة، صادق الحب يستر ضعف محبوبه بالمضاعفة منه سَترًا جميلًا.. يراه ضعيف الرأي أو الحيلة في معضلةٍ، فيضاعف له رأيه وحيلته، يبسطهما له جابرًا حكيمًا، غيرَ منبهٍ إنسانًا يشهد المعضلة إلى ضعف محبوبه بتصريحٍ أو تلويحٍ، وهذا السَّتر؛ بل قد تعظُم محبته وفطنته -ومن رُزقهما من محبٍّ فقد رُزق- فيُشعر الشهود أن الرأي والحيلة لمحبوبه لا له، وذلك السَّتر الجميل؛ إذ لا عبرة بظهور كماله للناس وقد بدا نقص محبوبه، حتى ليُوجعه هذا إذا كان

(٥)

عنك أنت..

محمود توفيق: الشخص الذي سيترك كل شيء، وكل الناس، ويتسلل إليك، ويحتفي بك، ويختار رفقتك دون العالمين لتبدأ بحب نفسك بالشكل الصحي لحب النفس؛ هذا الشخص هو أنت، أو هذا ما يجب أن يكون. فلو فعلت أنت ذلك، والتفت إلى نفسك، وقلت لها عن رحلتها الخشنة في الحياة حمدًا لله على السلامة، والحمد لله على أننا لم نخسر في كل مرة، ولم تتبعثر منا كل الأشياء التي في جرابنا، وأخذت تعدد لها المرات التي حاولت فيها أن تكون قويًا وصادقًا ومعطاءً، والمرات التي غرت فيها على نفسك من الخمول وتحرَّكت، والمرات التي واجهت فيها الصبح والحياة بقدمين نشيطتين وقلب شجاع متفائل، والمرات التي شكرك فيها الناس من قلوبهم لأنهم وجدوا فيك إنسانًا جميلًا، أو إنسانًا يعتمد عليه، أو إنسانًا متعاطفًا يشعر بالآخرين.. لو فعلت كل ذلك، وأكرمت النفس التي أراد الله لها الكرامة واكتشفت نفسك، واكتشفت أن المحاولات التي حاولتها لتنجح لا تزال تترك آثارها عليك كما تترك السنون آثارها على لحاء شجرة، سيمتلئ قلبك بالرضا، وبالثبات، وتضع كل الأشياء والناس في الأحجام الصحيحة وأنت تبتسم

(٦)

عن السند..

ديك الجن: واحدة من أهمّ النصائح في مجال معالجة الاكتئاب، بل وفي الحياة عمومًا، هي تنويع مصادر البهجة والرضا عن الذات.. أي أنّه إذا جاز لنا اعتبار أنّ لحياتنا كبشر خمسة جوانب أساسية (وهي العلم والتعلّم، العلاقات الاجتماعية، الصحّة والرياضة، الوظيفة والمسار المادّي، وأخيراً وليس آخراً الإيمان والروحانيات) فإن حرصنا على الإنجاز في كلّ هذه المجالات في الوقت نفسه، من شأنه أن يجعل سقوطنا في أحدها خفيفاً لدرجة غير مؤذية.. بمعنى آخر، لنفترض أنّك تبلي بلاء جيّداً (ليس ممتازاً) في مجالات حياتك الخمس؛ صحّتك جيدة بدون أمراض ظاهرة.. وتمارس الرياضة كلّ حين وحين.. تقرأ قليلاً قبل أن تنام.. تشاهد فيلماً كلّ أسبوع.. علاقتك مع الله جيدة.. علاقاتك العائلية والعاطفية بدون مشاكل.. وتعمل في وظيفة جيّدة، تدفع منها فواتيرك، وتدخّر القليل من المال كلّ شهر.. في حالة كهذه، فإن اهتزاز أو تأثر أي عنصر من هذه العناصر الخمس، كأن تخسر وظيفتك مثلاً، أو تقوم بإجراء عملية جراحية، أو تفشل في علاقة عاطفية، لن يكون تأثيره عليك كبيراً في المجمل، وإن كان كبيراً في ذاته.. ببساطة، لأنّ هنالك أربع جوانب أخرى تحمل حياتك.. وتمنحك الرضى.. ستتأثّر حياتك بلا شكّ وتتكدّر، لكنّها لن تنهار.. وسيكون من السهل عليك إعادة إصلاح هذا الجانب، لأنّك إنسان قوي أساسًا.. بالمقابل، لو كنت مهملاً في معظم جوانب حياتك وتعطي كلّ تركيزك وطاقتك على جانب واحد فقط، فإن أي خدش صغير في هذا الجانب، سيكون وقعه هائلاً عليك.. ببساطة، لأنّ هذا هو العمود الوحيد الذي تقف حياتك عليه.. وهو مصدرك الوحيد للرضا..  نفس مبدأ التنويع هذا، يمكن تطبيقه داخل مجالات الحياة الخمس نفسها، كتنويع مصادر الدخل مثلاً ، ومصادر المعرفة.. والعلاقات الاجتماعية والصداقات، الرياضات، نمط الحياة الصحّي.. بل وعباداتك أيضا ونوافلك وصدقاتك.. الشيء الوحيد ربّما، الذي لا تنطبق عليه نظرية التنويع الجميلة هذه، هو الرّب الذي نعبده.. وحبله الذي نعتصم به.. ووجهه الكريم الذي نرجو لقاءه.. فالقوّة العظيمة هنا، لا تتأتّى أبداً من التنويع،  بل من فكرة أنّ الجدار الذي نسند وهن أرواحنا عليه، واحدٌ ثابت أزليٌّ سرمديُّ باقٍ لا يزول ولا يتبدّل ولا يتغيّر.. “

في حروف الناس ما يشبهنا دائمًا..

أضف تعليق