٢٠٢٠ – اللا خطّة!

ليلة البارحة، فقدتُ عدة أمورٍ جيدة لم يخطر ببالي في الليلة التي تسبقُها مباشرةً أني سأفقدها، ولذا حين حلّ الصباح اليوم، جلستُ بُرهةً أتأمل وأستحضر في ذهني البيت القائل: “ما بين غمضة عينٍ وانتباهتها — يغيّر الله من حالٍ إلى حال” وبقيتُ مستلقية بوجوم أحدّق في السقف لبعض الوقت.. كم يسهل على المرءِ نسيان أن ما يملكه إلى زوال، وأن لكل شيءٍ نهاية، وأن الأمور لا تجري دائمًا كما تشتهي النفس، لم ينصبّ تفكيري على ماهيّة الأشياء نفسها، لكنه التتابع فحسب، رغم ذلك.. أدرتُ وجهي صوب الناحيةِ المشرقة وقررتُ أني ربما أحتاج إلى فسحةٍ من الوقت دون مسؤوليةٍ واحدة على عاتقي، أحتاج لتفرغٍ كامل، إلى الالتفات لنفسي، فسّرتُ الأمر بهذه الطريقة وقاومتُ فكرة الفراغ الذي يركض باتجاهي فاردًا ذراعيه ومستعدًا لاحتضاني.. الله يعرف ما أحتاجه ويُقدّر الأفضل.

هذه التغييرات عنَت أيضًا تحولاً في خططي للفترة القادمة على الصعيدينِ الماديّ والمعرفيّ، حسنًا، من المثير أن نبدأ بالتخطيط للعام الجديد من الصفر صحيح؟ دون أيّ توقعاتٍ مُسبقة أو أهداف محددة.. هل هذا جيد؟ لا أدري، لكن لا بأس بالتخطيطِ شهرًا بشهر، أو حتى أسبوعًا بأسبوع! لنتركِ الرؤية السنوية للشركاتِ والدول ونلتفت لحياتنا القصيرة المُتغيّرة على الدوام.. الليل صار يزورنا أبكر مؤخرًا وأشعر بالغرابة لأنّ الساعة الآن السابعة مساءً فحسب، أفتح موقع quora لعلي أجد شخصًا يحملُ تساؤلاتي وأفكاري التي لم أستطع تكوينها.. فتقع عيني أوّل ما تقع على سؤال يقول: “ما هي أهداف حياتك لـ ٢٠٢٠ – ٢٠٢٩؟” وأشهق! واه، مرحلةٌ متقدمة للغاية! من الجيد أنه لم يجب عن هذا السؤال سوى شخصينِ فقط (كم هذا مريح!): الأولى فتاةٌ تقول بأنها ستتوقف عن التسويف وإنفاق الأموال، ستضيّق مساحاتها الشخصية وستعطي لأصدقائها الأولوية دائمًا، ستبدأ عملاً جادًا وستبدأ أيضًا بالتدوين، كما تنوي تعلم التصميم الرقميّ واكتساب لغةٍ جديدة.. أما الثاني، فهو طبيب شاب في الثانية والعشرين من عمره، يقول بأنه ينوي ممارسة عمله باجتهادٍ وصدق، والزواج من فتاةٍ مذهلة تدعمه، وكسب مالٍ وفير.. وأخيرًا يودّ شراء سيارةٍ لوالديه (لفتة لطيفة!)..

أما بالنسبة للأشخاص الطبيعيين الذين أجابوا عن سؤال: “ما هي خطتك لعام ٢٠٢٠؟” فقد جاءت استجاباتهم متنوعة وحافلة! لفتني شخصٌ ما يحاول إنجاز كمية أهدافٍ هائلة تفوق ما يحاول الشخصين أعلاه إنجازه على مدار ٩ سنوات! يقرر بأنه سيكتب كتابًا واحدًا ويقرأ اثنين وثلاثين، سيُصدر خمس أغنيات ويعلم كلبه وقطته حيلاً عديدة، سيعدّ مقالًا يساعد الشباب على تخطّي وفاة والديهم وسيخطط لمبادرةٍ تحفز الطلاب على الابتكار والإبداع (يستحق التأمل)، كما سينتهي من أحد السيناريوهات ويبدأ بالإنتاج أخيرًا ثم ينطلق في إجازة خالية تمامًا من مواقع التواصل الاجتماعيّ وسيقضي وقتًا أطول مع جده العجوز، يقرر أيضًا أنه سيشرب أقل قدرٍ ممكن من الشاي بالحليب (بمَ آذاك الشاي بالحليب يا سيد تولسون؟)  وبيع سيارته البورش واستبدالها بـ تسلا! وأخيرًا وليس آخرًا، سيتعلم اللغة الصينية  ويحيط نفسه بأشخاصٍ أذكياء محفزين، وسيحاول البقاء على قيد الحياة أثناء تحقيق كل هذه الأمور! (لنتنفس الصعداء معًا!).. هل ينتابكم الشعور الذي يتملكني الآن؟ تلك الرغبة بأن يتم تسجيل حياة ذلك الرجل كفيلم وثائقي نرتقبُ نهايته؟ أودّ حقًا أن أرى كيف سينجز كل هذا! هناك فتاةٌ أخرى تُدعى أندريا، في المرحلة الثانوية، تتمنى أن تحرز علاماتٍ عالية، وأن تتجاوز اختبارها القادم بنجاح، وأن تقرأ عشرين كتابًا فحسب، وعلى الصعيد الاجتماعي ترغب باكتساب أصدقاء منفتحين ولطفاء وخوض تجارب جديدة مُلهمة، وروحيًا، ستحاول مجابهة القلقِ والمخاوف إما عن طريق التأمل أو الذهاب لمختص.. يا إلهي، فتاةٌ عادية يرغب المرء بالتربيت على رأسها وإخبارها بعطف: سيكون كل شيء على ما يرام!

كما ترون، للناس آمالٌ عظيمة! آمل أن يسعهم الوقت لتحقيقها فعلاُ! 

نغادر quora ونذهب لتفقد رفاق التدوين، مرحبًا؟ هل من متحمس صاحب خطة؟ لا أرى أحدًا.. يقول البعض أنك حين تنام في آخر يومٍ في السنة وتستيقظ صباحًا؛ لن تجد أنّ حياتك تغيرت (وينطبق هذا على يوم ميلادك، سبرايز!) لكننا نحنُ البشر نحبّ الفرص والبدايات كثيرًا، ونحبّ الشعور بأننا من هذه اللحظة، من الآن، على عتباتِ حياة جديدة بنسخةٍ أروع من أنفسنا! لذا لا بأس، لا داعِ للإحباط.. إن ارتأيتم أنّ جرعة حماسٍ ربما تنهض بكم من سباتٍ طويل فهنيئًا لكم.. 

حسنًا، إنها التدوينة الأخيرة لعام ٢٠١٩، كانت سنةً طيّبة، طيّبة جدًا، وخاصةً نصفها الثاني! آمل أن تنتهي آخر أيامها على خيرِ حال، وأن يرزقنا الله سنةً جديدة عامرة بالسعادة والرخاء.

+ شكرًا جزيلاً للقراء وأصحاب التعليقات الرائعة.. تغمرونني بالمسرّة +

ملاحظة: إن كان ثمّة خطة لأيامكم، فشاركوني إياها، أتطلع لمعرفتها!

 

تعليق واحد

  1. خلود المربد

    طاب مساؤك ياسمين،،
    متحمسة جدا لبداية السنة الجديدة ولدي اهداف لتحقيقها لكنني لم أحصر هذه الاهداف بسنة ٢٠٢٠ فقط بل لأن الآن توها سمحت لي الفرصة لتحقيقها وهي دراسة اختبار الايلتس مع عبدالرحمن حجازي “متحمسة لهذه الدورة اكثر من أي شي ” وبعد ذلك اطمح لاجتياز الاختبار بدرجة ٥.٥ بإذن الله ، والتقدم لوظيفة معيد بإحدى الجامعات وانهاء دراستي الCIT وتزيين سطح بيتي 🙂 ( احب التصميم الداخلي رغم انه لا مجال لي به ولكن سأثبت لنفسي خلال الأيام القادمة انه ربما سأصبح مصممة يأخذ برأيها وذوقها للتصميم ” طبعا على مستوى الأقارب لا اطمح كثير “) وبعد ذلك ان شاء الله ارى بنتي تمشي بعمر ال١٠ شهور ، وازيد من وقتي على القراءة والتمارين الرياضية فأنا كسولة جدا وسأتخلص من هذا الكسل ان شاء الله ، ومن اهدافي ان استطيع قول كلمة “حبيبي” لزوجي ( استحي اقولها وانا لي اكثر من سنه متزوجه هههههههه) ، واحلى اهدافي طعما الحج الله ييسره لي يارب ولجميع من يتمنى ، وايضا السفر للنمسا والمانيا ♥️

    Liked by 2 people

    • يااااه، طموحة خلود ما شاء الله!
      أحد ألطف التعليقات التي قرأتها مؤخرًا! ضحكتُ كثيرًا عند “ومن اهدافي ان استطيع قول كلمة (حبيبي) لزوجي” يعني واللهِ يا سعدك إنتِ وزوجك تبارك الله! آمل أن ينزل الله سكينته على أيامك وأن تكون حياتكِ طيبة وبالصورة التي تأملينها تمامًا! أرغب مثلك بالسفر إلى ألمانيا، لكن يومًا ما، يومًا ما ستحقق الأحلام :)) شكرًا لك وللطفك، طاب مساؤك كذلك💘♥️

      إعجاب

  2. التنبيهات: روابط ديسمبر: مقدمة غير مفيدة – صفحات صغيرة

  3. التنبيهات: عن التنين و2020! (تدوينة ختام العام) - مدونة م.طارق الموصللي

  4. اندللت مؤخراً إلى مدونتك و سعيدها أنها
    صادفتني في عالم التدوين!😁
    أسلوب كتابتك جميل و يدعوني لإتمام امدونات إلى نهايتها

    أما عن خططتي للعام فلا أميل للأهداف الكبيرة و الكثيرة ، آمل ان أعطي دراستي الجامعية حقها و ان أحظى بعلاقات جيدة مع خالقي و نفسي و من حولي و ذلك بوضع أهداف محددة لكل شهر او أكثر

    Liked by 1 person

  5. أفضل الخطط الشهريه بدلاً من السنويه ، لا ادري .. يمكن في اي وقت ان تبدأ من الان لتحقيق اي هدف
    سنه سعيده لنا جميعاً مليئه بالخير والسعاده والرزق والحظ

    Liked by 2 people

  6. أكتب إليك الان على أوج السرعة لأعود وأكمل استعدادي لامتحان الميراث، إنه إمتحان مهم وليس سهلاً أبداً ولكنه ممتع كذلك!
    الأهداف ، مجرد قراءة هذه الكلمة يشعل الحماسة في نفسك، وبقدر ذلك الحماس يكون الإنطفاءُ سريعاً أيضاً! يا لنا من غرباء نحن البشر.. ولكن أليس ذلك الإنطفاء فرصة لبداية أقوى بعد فترة من النقاهة، وفرصة لاختيار أهدافٍ جديدة .
    أعتقد بأن جميع أهدافنا نحن البشر تدور حول “هل فعلت كلّ ما يجب فعله؟” لذلك في فترة ما ستتوقف فجأة وتتساءل في غمرة حياتك ومهامّك قائلاً: لماذا أفعل كلّ هذا !؟ وهل ما أفعله صواب ! لحظة ذلك التساؤل إن كنت موقفاً سينطلق صوتٌ من داخلك يوجهك إلى الأعلى ويرشدك إلى الطريق ، صوتٌ إلهي هو كلّ أملنا إذا انقطع بنا الأمل وضلّ بنا الطريق . إنه التوفيق والهداية الإلهية ، فاسألوا الله أن يكون معيناً لكم في دروبكم 🌧.

    بالمجيء إلى الأهداف ! ليس ثمة أهداف محددة وربما يعود ذلك إلى أن العام يبدأ عندي بانتصاف شعبان، لطالما كانت الدكتورة هند تتحدث عن الفرصة العظيمة التي تتجدد لنا في كلّ عام ليلة ترفع الأعمال؛ أعمال السنة جميعها إلى السماء ويغلق دفتر ليفتح آخر ، في ذلك الوقت يبدأ عامنا الحقيقي وتبدأ فرصة جديدة لكلّ أمل وكل هدف وكلّ حكاية جديدة

    Liked by 1 person

    • طمنينا كيف كان؟ :))
      أعجبتني لفتتك حول ما قالته الدكتورة هند.. محقة طبعًا!
      ابتداء العامُ برمضان لهو أفضل البدايات على الإطلاق، آمل أن تُكلل جهودك وأهدافك بالتوفيق، وأن تكون تساؤلاتكِ في نهاية العام هي: “هل سأستمر على هذا المنوال الرائع؟” بارك الله لك، وأسعدكِ سعادةً لا شقاء فيها🌿

      إعجاب

      • جميلٌ ما دعوتِ به يا سمين !💕💕
        الحمد لله كان جيداً إلى حدٍ ما رغم الضغط الذي حدث بسبب كثرة الأسئلة وطولها، لكن الحمد لله أنّه مضى ! وسأشتاق له كثيراً من المؤسف أنّنا لن ندرسه مجدداً، لكنني أيضاً متحمسة للتعرف إلى المواد القادمة، واحدة من إحدى هواياتي الجامعية “ترقب المواد الجديدة” ههه

        إعجاب

  7. تدوينتك في غاية (الثراء!) ما شاء الله!
    أُعجبت بها للغاية، آمل أن يكون عام ٢٠٢٠ عامًا ملوّنًا وعامرًا بالدفء.
    + لم أعلم أن “كيورا” له نسخة عربية.. جاري الركض إلى هناك والتسجيل! :))
    شكرًا لك طارق.

    Liked by 1 person

  8. islam hamarsheh

    تعرفت على مدونتك منذ أكثر من شهر، وللأسف وصلت إلى آخر تدوينه. كمية الجمال و اللطافة و السعادة التي أشعر بها بعد قراءة كل تدوينة لا توصف! و أكثر ما لفت و أثار اعجابي بالاضافة الى لغتك و طريقة تعبيرك ،انتباهك و عيشك للحظة في كثير من الأحيان، كم تسرقنا الأيام و روتين الحياة و لا ننتبه لأشياء بسيطة جميلة من حولنا و نتغافل عن كم النعم التي تحيط بنا.شكرا ياسمين جدا و سلمت يداك❤️

    Liked by 1 person

  9. مَلامحُ غَيثٍ

    لا تبدأ خططي مع بداية العام، إنما تبدأ في يوم ميلادي، لكني أحب كتابة الأهداف طويلة المدى، ربما تجعلني متحفزة أكثر ألّا يأتي ذلك اليوم البعيد إلا وقد حققتُها.
    لقد كان لدي هدف وضعتُ له تاريخ نهاية بعد سنة، فحققته قبل الوصول لذلك التاريخ ولله الحمد، حاربتُ كثيرًا وواصلتُ كثيرًا ومررتُ بالكثير لأجله لكنني الآن جدّ سعيدة به 💛
    هناك أهداف سنوية بالعادة ولا أذكر أنني مرةً كتبتُ أهدافًا شهرية، عدا أن يكون شهر رمضان…
    أحببتُ أنكِ بحثتِ عن أهداف الآخرين، ربما تلهمكِ شيئًا. غالبًا أتشتت حينَ يكون لديّ أكثر من هدف طويل المدى! إمّا أن يكون هدف لليوم أو هدف للسنة.
    القرآن أرسم له خطة محكمة مفصّلة على الأيام ومرنة لأي ظرف واجهني.
    والقراءة خطة النصف ساعة كل يوم دون تحديد لكمية صفحات أو كتب، أشعر أن هذا عمليّ أكثر.
    أما عن الكتابة فلا زالت المواظبة عليها صعبة، رغم أنني حددتُها بتغريدة واحد كل يوم!
    وبعض الأهداف الأخرى المتشعّبة ما بين عادات وطموحات وزيادة في طلب العلم بجدول مقنن، وهلمّ جرا…
    وعذرًا للإطالة 🍃

    Liked by 1 person

  10. ألغيت أو تكاسلت عن جميع أهدافي هذا العام حيث أَنِّي أركز الآن على النوم لثلاث ساعات مطمئنة و الاستيقاظ صباحاً و الإحساس بالبركة و المتعة و الإحساس بكل من هم حولي و هذا كله فقدته تقريباً بعد تشخيصي بالاكتئاب. لازمتني العتمة و مرض الأرق منذ عام و نصف و اعتقد آن الأوان لألتفت لصحتي النفسية المهملة سنين.

    Liked by 1 person

  11. التنبيهات: فُصولٌ ملوّنة | كيف كانت ٢٠٢١؟ | ياسمين محمد ✿

أضف تعليق